Wednesday, February 17, 2010

البرادعي يتميز على هؤلاء جميعًا

السيد البابلي wrote in Almesryoon:

غدًا "الجمعة" يصل الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مصر.

والبرادعي يعود محاطًا بالتقدير والاحترام بعد أن كان واجهة مصرية مشرفة على رأس وكالة دولية هامة وبعد أن أدى دوره المهني والسياسي بكفاءة عالية تضاف إلى رصيد الإنجازات المصرية الدولية.

لذلك كنا دائمًا ضد أي محاولة للنيل من الرجل وتشويه تاريخه أو سمعته بسبب آراء سياسية أدلى بها تتعلق بتصوراته لبعض القضايا السياسية، فالاختلاف في الرأي لا يعني أبدًا النبش في القضايا والأمور الشخصية وتحطيم كيان ووجود من نختلف معه.

وكان واضحًا أن أصحاب الاتجاه العقلاني في مصر قد تنبهوا بسرعة إلى خطورة تجريح البرادعي والآثار العكسية للهجوم الشرس الموجه ضده حيث تغيرت واختفت لهجة العداء الصارخة، وبدأت مناقشات بشكل آخر حول جدوى وإمكانية أن يكون له دور سياسي في مصر مستقبلاً.

والواقع أن البرادعي يمثل إضافة جديدة إلى الحراك السياسي في مصر الذي نشارك فيه جميعًا في محاولة تحقيق مستقبل أفضل لبلادنا نحو الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية بإفساح المجال أمام معارضة قوية تكون شريكًا في المسئولية واتخاذ القرار.

وكنا نأمل في هذا لو أن البرادعي كان قد تمهل في إطلاق تصريحاته السياسية المثيرة للجدل حول واقع مصر ونظام وضمانات الانتخابات إلى ما بعد وصوله إلى مصر، لأن الحساسية تنتابنا من أية تصريحات تتناول واقع بلادنا وتنطلق من الخارج، فهي دائمًا ما تحمل شبهة الاستقواء بالخارج وتضع صاحبها في موضع الشك والتأويلات.

والبرادعي الذي سيقابل بنوع من الاحتفاء السياسي من قبل بعض الجماعات السياسية المعارضة في مصر عليه أن يكون حذرًا في فهم أبعاد ومغزى هذه الحفاوة، فهم لا يريدون دعمه سياسيًا بقدر ما يحتمون ويتخفون وراءه باعتباره شخصية ذات سمعة دولية مرموقة، بعد أن عجزوا عن فرض وجودهم وتأثيرهم في الشارع المصري.

فليس خافيًا على البرادعي أن الحراك السياسي الدائر حاليًا حول الانتخابات البرلمانية والرئاسية هو حوار النخبة المثقفة التي لا يتجاوز عددها بضعة آلاف، أما الأغلبية الساحقة من المواطنين فهي منشغلة بالهموم الحياتية وبالقضايا اليومية لتدبير نفقات لقمة الخبز أو العثور على إسطوانة غاز أو بمتابعة تطورات قضية "جدو" وهل سيلعب للاتحاد أم للزمالك..!

وهذا يعني أن البرادعي أو غيره من الذين تترد أسمائهم في البحث عن إمكانية الدخول إلى السباق الرئاسي هم من غير المؤثرين شعبيًا ولا يمتلكون من التواجد أو التأثير ما يمكنه من إحداث أي نوع من التغيير سواء كان للأفضل أو للأسوأ.

ولكن البرادعي يتميز على هؤلاء جميعًا بأنه شخصية ذات ثقل دولي وعلاقات متنوعة، وله من القدرة والشجاعة ما يمكنه أن يكون عنصرًا فعالاً في طرح الأفكار الجديدة التي لا ينبغي تجاهلها أو التقليل من شأنها لأنها في النهاية نوع من الاجتهاد الذي يحسب لصحابه حتى وإن اختلفنا معه.

إن البرادعي لا يملك أي فرصة حقيقية في لعبة الترشيحات الرئاسية التي تقودها وتروج لها بعض الصحف الحزبية والمستقلة لوجود الكثير من العوائق الدستورية والقانونية، ولكن هذا لا يعني أنه لن يكون له دور سياسي مؤثر، وهو أمر يجب الاحتفاء به والتعامل معه باحترام، فهذا الوطن ملك لنا جميعًا، ومن حقنا أن نعبر عن قناعاتنا وعن أفكارنا بكل حرية وبدون وصاية أو تسلط أو رفض مسبق من البعض الذين يعتقدون أنهم وحدهم الأوصياء على هذا الوطن.

No comments:

Post a Comment